للأطفال فى الأسرة شأن كبير، فالأسرة هى البيئة التى يتشرب منها الأبناء قيمهم ومعاييرهم ونظرتهم للحياة، ففى الأم يجد الحضن الذى يأوى إليه فيشعر بالأمن والحنان والحب وفى الأب يجد المثل والوقاية والمنقذ وفى الأخوة والأخوات يجد تلاميذ مدرسة الأسرة الذين يأخذ عنهم ما لم يحصله من الوالدين. من الأسرة يأخذ الطفل دينه فيظل على فطرته مسلما أو يعتنق غير الإسلام. وفى هذا روى أبو هريرة رضى الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله: "ما من مولود يولد إلا على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه". ومرحلة الطفولة من أدق المراحل فى حياة الإنسان، فهى التى توجهه، إما إلى الإيمان وإما إلى الضلال، والسؤال: كيف كان يتعامل رسول الله صلى الله عليه وسلم مع الأطفال؟ وكيف نعمل على إعداد أطفال مؤمنين مخلصين ينفعون أمتهم فى شبابهم وفى جميع مراحل حياتهم؟
وكما نعرف جميعا، فالطفولة هى الجسر إلى الشباب، فإذا أردنا أن نهتم بالشباب ونتبين دوره، ونتعامل معه، فعلينا أن نهتم بالطفل، وقد أعطى النبى صلى الله عليه وسلم، الأطفال حقوقهم، فكانت بنات النجار يأخذن بيده فلا يرفع يده الشريفة من يد إحداهن حى تقضى حاجتها فتذهب بها إلى مذهبها فى تمسك بيد رسول الله وتسير به أينما شاءت فى طرقات المدينة وهو لا يعترض عليها، وهو رجل للدولة وهو قبل ذلك نبى الله ورسوله وهو صاحب الأعمال والمشاغل الكثيرة ولعل مثل هذه الذكرى بقيت فى نفوس الأطفال حتى بلغوا مبلغ الرجال أو النساء. ولم يكن صلى الله عليه وسلم ينهر الحسن والحسين حينما يعلوه أحدهما وهو فى الصلاة. وقد عنّف رسول الله للأقرع بن حابس الذى لم يقبّل أحدا من أبنائه وكان صلى الله عليه وسلم يأمر بالرحمة بالأطفال وبالضعفاء، وهكذا كان ينشأ الطفل سويا فى نفسه وعقله وسلوكه عندما يبلغ مبلغ الشباب لأنه تربى فى بيئة تعرف له حقوقه. ونحن نواجه أمورا ثلاثة فى مرحلة الطفولة وهى مستمرة أيضا فى مرحلة الشباب بل وتستمر مع الإنسان حتى الموت، لكن أهميتها ومناهجها تختلف من مرحلة إلى أخرى هذه الأمور هى التربية والتعليم والتدريب، فالتربية تربى النفوس وتحتاج إلى وقت والتعليم يهذب العقول ويحتاج أيضا إلى وقت والتدريب يربى الملكات والكيفيات الراسخة التى تدرك بها النفس المعلومات وتتعامل مع المهارات. والله تعالى خلقنا لعبادته ولعمارة الدنيا ومن أجل تحقيق هذه الأهداف ينبغى علينا الاهتمام بالتربية والتعليم والتدريب وهذه العوامل الثلاثة فى مرحلة الطفولة لها شروطها التى أساسها الرحمة وفى حال الشباب لها شروطها التى أساسها التواضع، وفى حال الشيخوخة لها شروطها التى أساسها عدم التكبر، لذلك نجد الإمام أحمد بن حنبل يلخص هذه القضية بقوله "مع المحبرة إلى المقبرة" أى أنه سوف يظل يتعلم ويتدرب من المهد إلى اللحد.
وإذا أردنا أن نتحدث عن عمالة الأطفال وهى أمر يؤرق المجتمع المصرى، فعلينا بكل تأكيد أن نجد بديلا لأجورهم التى تحتاج أسرهم إليها، والبديل هو التنمية الأسرية الشاملة وذلك بإيجاد وسائل غير تقليدية لزيادة دخل الأسرة، ويمكن للصندوق الاجتماعى أن يسهم فى هذا الموضوع، كما يوجد فى رابطة الأخصائيين النفسيين المصرية، مشروع لتنمية المناطق العشوائية بالتعاون مع الصندوق الاجتماعى من خلال دراسة المناطق العشوائية وابتكار بعض الوسائل كالصناعات الغذائية البسيطة ومساعدة الأسر بشراء المعدات لها وتدريبها.